الأخطار التي تهدد المحيط الحيوي
الزيارات:

Mahmoud | 4:45:00 AM |

كوكب الأرض كوكب غريب غير مألوف. منطقة الأركان الأربعة بولاية نيومكسيكو
مثلًا هي مستنقع يقع على حافة بحر ضحل يمتد جنوبًا عبر ولاية تكساس،
وشرقًا إلى ولاية ميسوري. يعج البحر بالحياة: بطاريق ارتفاعها ١٠ أقدام،
والأسموصوريات طولها ٤٠ قدمًا، وأسماك قرش. أما اليابسة فهي استوائية
خضراء يكسوها شجر الخشب الأحمر والصفصاف والمجنوليا والورود. تتبوأ
العظايا الضخمة قمة السلسلة الغذائية، حيث التيرانوصورات هي المفترس المهيمن.
ولأول مرة في التاريخ يشيع وجود الطيور، كما الثدييات، التي تظل صغيرة وبدائية.
ليس هناك قلنسوات جليدية قطبية، ودرجة حرارة أمريكا الشمالية تزيد ١٥ درجة
عنها اليوم.

بمحض الصدفة، يتقاطع مدار الأرض مع مسار كتلة صخرية تماثل المدينة في
حجمها، تتحرك بسرعة ٤٠ ألف ميل في الساعة. وفي يوم من الأيام منذ ٦٥ مليون
عام حلت كارثة من سماء لا غيم فيها. وبضربة واحدة تفنى معظم الزواحف
الكبيرة بفعل قوة الاصطدام أو بفعل الزلازل والأمواج العارمة التي أطلقتها. تموت
حياة البحار مع امتلاء الغلاف الجوي بغبار يحجب الشمس، وهو ما يدمر قاعدة
السلسلة الغذائية الميكروبية. والمستفيد الرئيسيمن المشهد البيئي الذي جرى إخلاؤه
حديثًا هو الثدييات الصغيرة.
في عالم تزداد برودته تدريجيٍّا وتندر فيه الزواحف، تتنوع الثدييات وتنتشرفي
جميع أنحاء القارات. من بين ١٠ عائلات من الثدييات كانت موجودة قبل الاصطدام
تنقرض ٥ عائلات، لكن تلك الباقية تزداد لتصبح ٨٠ عائلة تقريبًا في غضون ١٥
مليون عام. هذه الثدييات الجديدة مبهرة كالزواحف التي حلت محلها؛ إذ تضم آكلي النبات
الذين يصل ارتفاعهم إلى ٢٠ قدمًا، والقطط سيفية الأسنان التي تماثل
الأفيال المعاصرة حجمًا. ومنذ ٦ ملايين عام تظهر قردة الأشجار في أرجاء ثلاث
قارات. لم تشهد أي سلالة حيوانية أخرى مثل تلك الزيادة الكبيرة في حجم المخ
التي أدت إلى وجود البشر منذ مليون عام. يهيمن القرد عديم الشعر، المسمى
بالإنسان العاقل، على الكوكب لفترة قصيرة لا تتجاوز آلاف عدة من السنوات، وهو
نوع يبدو قادرًا على أن يحمي نفسه من قوة الانتخاب الطبيعي.
لكن ماذا لو أن مرور نجم قريب غيَّر من البيئة الجذبوية للمجموعة الشمسية
بدرجة تسمح بأن تُبحر الصخرة الهائلة بعيدًا في سلام منذ ٦٥ مليون عام؟
نتصور أن يمضيالأمر على النحو الآتي: تستمر هيمنة الديناصورات المتنوعة لأكثر
من ١٥٠ مليون عام. تواصل الثدييات الاختباء كفئران الذباب في عالم تحكمه
الزواحف، أما القردة والرئيسيات والبشر فلن يتطوروا أبدًا، ويسير التطور صعودًا
وهبوطًا دون حدث مميز.
ماذا لو أننا لا نعيد كتابة التاريخ، وماذا لو علمنا أن كويكبًا سيضرب الأرض
بعد سنوات قليلة؟ قد يكون حدثًا قاسيًا غير متوقع إن عجزت التكنولوجيا الناشئة
التي نتسلح بها عن درء هذه الكارثة، في الوقت الذي تسمح فيه لنا برؤية نهاية
أنواعنا دون أن نكون قادرين على الحيلولة دونها. حين يأتي الموت من السماء
الصافية ليبدأ فصل جديد في التاريخ ستفنى أنواع عدة، لكن نوعًا واحدًا فقط هو
الذي سيستشعر الخسارة على نحو قاسٍ.


تخيل أنك موجود في الفضاء في منتصف المسافة بين الأرضوالقمر. حين تطل بناظريك
في الاتجاه الذي أتيت منه سترى كوكبك الأم؛ تلك النقطة الزرقاء الباهتة. إن جماله
الرقيق وسط ظلمة الفضاء يمنحك مشهدًا لا يُنسى. ستعيش أيضًا حالة من السكون
التام؛ إذ تكاد المجموعة الشمسية أن تكون خالية تمامًا.

الأخطار التي تهدد المحيط الحيوي
لكن بالنظر تجاه القمر ستلاحظ سطحه الذي تكسوه علامات تماثل آثار مرض
الجدري؛ ففوهات البراكين، الكبيرة منها والصغيرة، تغطي سطحه، وهي عديدة للغاية،
حتى إن هناك فوهات داخل فوهات. يبدو القمر كالمرآة، ونحن قريبون منه للغاية، حتى
إن رحلته في أرجاء المجموعة الشمسية تماثل رحلتنا. إذا كان القمر قد تعرَّضلكمية من
الحطام كافية لأن تملأه بفوهات البراكين، فمن المؤكد أننا مررنا بهذا الموقف أيضًا. يمثل
القمر سجلٍّا رائعًا للماضي؛ لأنه لا يملك غلافًا جويٍّا، علاوة على أنه صغير للغاية بما لا
يسمح له بأن يتمتع بحالة جيولوجية نشطة. لقد تسبب التآكل والتجوية وتكتونيات
الصفائح في نسيان هذا التاريخ العنيف الذي مر به كوكبنا.
ترد معظم المخلفات الفضائية من حزام الكويكبات، وهو طوق الحطام الصخري
الواقع بين مدارَي كوكبَي المريخ والمشتري، ويمثل كوكبًا لم ينجح في الاكتمال. قد تنهار
الكويكبات أو تصطدم أو يتفاعل بعضها مع بعض بفعل الجاذبية، وأي من هذه
العمليات ترسل حطامًا صغيرًا إلى المسارات الداخلية التي قد تتقاطع مع مدار الأرض.
يتكون جزء قليل من المخلفات الفضائية التي تصطدم بالأرضمن المذنبات أو حطامها،
وعادة ما تكون الارتطامات التي تحدثها المذنبات مدمرة للغاية؛ لأنها تتحرك بسرعة
تصل إلى ٥٠ كيلومترًا في الثانية ( ١٠٠ ألف ميل في الساعة) مقارنة بسرعة الكويكبات
التي تتراوح من ١٠ إلى ٢٠ كيلومترًا في الثانية ( ٢٠ إلى ٤٠ ألف ميل في الساعة).
إليك معلومات إضافية عن المصطلحات الفنية المستخدمة في هذا الصدد. إن كان
قُطر الحطام الفضائي أصغر من قُطر خصلة الشعر فهو غبار كوكبي، وإن كان أكبر
من خصلة الشعر لكنه أصغر من الحافلة في الحجم، يسمى بالنيزك. إن كان أكبر من
الحافلة، يُعرف بالكويكب (ما لم يكن مذنَّبًا). يُطلق على المسار المرئي للنيزك الذي
يدخل الغلاف الجوي للأرض اسم الشهاب الساقط، وتُعرف النيازك التي تصطدم
بسطح الأرضباسم الأحجار النيزكية. والعدد المتدفق من النيازك يُطلق عليه اسم وابل
النيازك. الكرة النارية هي نيزك أكثر سطوعًا من المتوسط، كما يرصدها عالم الفلك،
لكن إن رصدها عالم الجيولوجيا تُعرف باسم الشهاب المتفجر. ترد المادة النيزكية
الأكثر بدائية من الكواكب المصغرة، ويُطلق على الأحجار النيزكية التي تحتوي على كرات
صخرية متناهية الصغر اسم الأحجار الكروية (وهي أربعة أنواع، لا تسألني عنها)، أما
الأحجار النيزكية التي لا تحتوي على تلك الكرات فتُعرف باسم الأحجار اللاكروية. هناك
أيضًا أحجار نيزكية حديدية — يُطلق عليها اسم الأحجار الحديدية — بالإضافة إلى

نهاية كل شيء
أكثر من عشرين حجرًا نيزكيٍّا واردًا من القمر أو المريخ. وجدير بالذكر أن علماء الفلك
شديدو العناية بكل هذه الفروق، سيكون هناك امتحان فيما بعد.
يبدو مفهوم الحطام الفضائي مجردًا للغاية ومقصورًا فهمه على فئة بعينها،
بيد أنه حقيقي تمامًا. حوالي مائة طن من الأمطار تنهمر على الأرض يوميٍّا، ولحسن
الحظ أن معظم الحطام الفضائي صغير للغاية. يمكنك أن تشارك في متعة جمعه؛
كل ما تحتاج إليه هو دلو ومغناطيس ومجهر؛ فالأحجار النيزكية الصغيرة تتساقط
على منازلنا (وعلينا) طوال الوقت. ضع الدلو أسفل مزراب للمطر وانتظر إلى أن
تنجرف الأتربة الفضائية من فوق سطح منزلك بفعل المطر. أَزِل كل الأغصان الصغيرة
وأوراق الأشجار، ثم افرد باقي المحتويات على لوح بلاستيكي شفاف. عن طريق تمرير
مغناطيس نيوديميوم قوي فوق البلاستيك، سوف تجتذب الجسيمات المغناطيسية إلى
المغناطيس. انظر إليها مستعينًا بمجهر، ستجد أن الأحجار النيزكية الصغيرة ضئيلة
الحجم ومستديرة وذات تجويفات متناهية الصغر؛ دليل على رحلتها العنيفة خلال
الغلاف الجوي.


أسماك المنوة والحيتان 
ليست الأجزاء متناهية الصغر من القشور الكونية التي تستقر فوق رءوسنا وأكتافنا
سببًا للقلق، لكن ما يسبب القلق هو الحطام الكوني الأكبر حجمًا بكثير. إن أكبر الأخطار
التي واجهت كوكب الأرضتجسَّدت على الفور بعد تشكُّله؛ حين كانت الكواكب المصغرة
لا تزال تنمو كي تشكِّل الكواكب المعاصرة، ففي غضون مائة مليون عام أزيلت معظم
المادة الموجودة في السديم الشمسي البارد. شارفت الأرض على الدمار بفعل الارتطام
الذي أوجد القمر، لكن بعد ذلك استقرت الأمور. وبعد سيل من الارتطامات أثناء حقبة
القصف الشديد، انخفض معدل الارتطامات لمستويات أقل ألف مرة مما كان عليه.
وبمرور الوقت صارت الارتطامات نادرة. 1
في البحر توجد أسماك المنوة الصغيرة بكميات أكبر بكثير من الحيتان. في الفضاء
أيضًا تعمل التصادمات على سحق المادة الصخرية ببطء، لذا توجد الصخور الصغيرة
بكميات أكبر بكثير من الصخور الكبيرة، مثلما يحتوي الشاطئ على حبيبات الرمل أو
الحصى بكميات أكبر بكثير من الصخور الكبيرة. ووجود كم أكبر من قطع الصخور

الأخطار التي تهدد المحيط الحيوي
الصغيرة مقارنة بالقطع الكبيرة يعني أن ثمة علاقة عكسية بين حجم الجسم ومعدل
 تكرار اصطدام جسم بهذا الحجم بالأرض.



في ٣٠ يونيو عام ١٩٠٨ دُمرت منطقة نائية في سيبيريا إثر انفجار هائل وصل
ارتفاعه إلى ثمانية كيلومترات فوق سطح الأرض. أمسكت ألسنة اللهب بالغابة المجاورة،
وسوت ٨٠ مليون شجرة تمتد على مساحة أكثر من ٢٦٠٠ كيلومتر مربع بالأرض،
وسجلت مقاييس الزلازل الحدث في لندن. كان هذا انفجار تونجوسكا؛ المساوي في قوته
لأكبر اختبار نووي أجُري على الإطلاق؛ القنبلة كاسل برافو. بلغت قوة الانفجار تسعة
ملايين طن متري من مادة تي إن تي العتيقة. وصل قطر الجسم الذي ضرب الأرض
حوالي ٣٠ مترًا، ومثل هذه الأجسام نادرة فهي لا تصطدم بالأرض إلا مرة واحدة كل
قرن فحسب. لقد حالفنا الحظ من الناحيتين: الزمان والمكان؛ إذ إنه لو وقع هذا الحدث
في مكان آخر فلربما تسبب في قتل الكثيرين، وإن وقع في المكان نفسه بعد مرور ٥٠
عامًا في أوج الحرب الباردة … حسنًا، يمكنك أن تتخيل الباقي.
تبلغ فوهة بارينجر الواقعة في شمال أريزونا من العمر ٥٠ ألف عام، لكن يحميها
على نحو طيب مناخ الصحراء الجاف. كان الحجر النيزكي الذي خلَّفها مصنوعًا من
النيكل والحديد، وضرب الأرضبسرعة ١٣ كيلومتر في الثانية ( ٣٠ ألف ميل في الساعة)؛
مما منحه قوة تدميرية هائلة. خلَّفت تلك القذيفة التي يبلغ قطرها ٥٠ مترًا فوهةً قطرها
ميل واحد. والأجسام بهذه الشاكلة تصطدم بالأرض مرة كل ألف عام، وهو ما يعني
أنها خلَّفت ندوبًا في التاريخ البشري. تبعد فوهة بارينجر عن مكان إقامتي بمسافة
أقطعها في خمس ساعات من القيادة، ولقد ذهبت إلى هذه الفوهة ووقفت عند مركزها،
مندهشًا من كم الصخور الصلبة الهائل الذي اقتلعته القذيفة من مكانه.
كان فريق متعدد المجالات — سُمي باسم مجموعة عمل ارتطامات الهولوسين
— قد جمع الأدلة على اصطدام كويكب أو مذنب كبير الحجم بالأرض منذ ٤٥٠٠

الأخطار التي تهدد المحيط الحيوي
إلى ٥٠٠٠ عام في المحيط شرقي مدغشقر. وتشير جميع التشكيلات الرسوبية الوتدية
الشكل إلى فوهة يبلغ قطرها ٣٠ كيلومترًا في المحيط الهندي. كان من شأن هذا الارتطام
الناجم أن يخلِّف أمواج تسونامي عاتية يصل ارتفاعها إلى ٢٠٠ متر، وتوضح حلقات
الأشجار الباقية منذ ذلك الوقت مناخًا باردًا سببه حُجب الأتربة والغبار التي أثارها أحد
الارتطامات. إن أعمال التقصي من هذا النوع تثير الجدل بسبب تجزؤ الأدلة وصعوبة
استبعاد التفسيرات الأخرى.
ثمة جدل محتدم أيضًا حول الادعاءات القائلة باصطدام نيزك واحد أو أكثر
بأمريكا الشمالية منذ ١٢٩٠٠ عام، وهو ما سبَّب انقراض الماموث والنمور سيفية
الأسنان وحضارة بشرية مبكرة صانعة للأدوات أطلق عليها اسم حضارة كلوفيس. من
الأدلة الداعمة لهذا الزعم العثور علىصخور متناهية الصغر تشكَّلت إثر الاصطدام يُطلق
وطبقة من الإيريديوم، وتربة متفحمة غنية بالكربون منتشرة ،« التكتايت » عليها اسم
في كل مكان، وأشكال معينات متناهية الصغر من الماس لا يمكن أن تتشكل إلا تحت
ضغط وحرارة استثنائيين. لكن ليس هناك فوهة لبركان، ولا يمكن للاصطدام أن يكون
السبب الوحيد لنهاية عصرالجليد الأخير؛ لأن المناخ كان يتغير لمئات السنوات قبلها. ولا
يزال العبء واقعًا على مؤيدي نظرية الارتطام لكي يُظهروا أن تفسيرهم مقنع. 2
بالانتقال إلى الخطر الأكبر يزداد المشهد سرعة ورهبةً؛ إذ تضرب الأرضَ صخرةٌ
ضخمة يبلغ قطرها ٢٠٠ متر مرة كل ١٠٠ ألف عام، مُطلِقة طاقة تعادل ٦ آلاف
ميجاطن من مادة تي إن تي، وهو مقدار يزيد عن إجمالي حجم الترسانة النووية على
مستوى العالم. يبلغ قطر الفوهة المتخلفة عن هذا الارتطام ثمانية كيلومترات، أما الزلزال
الذي يحدثه فسيسجل ٧٫١ درجة على مقياس ريختر. سيصل ضرر موجة الانفجار
وأجزاء الحطام إلى مسافة ١٦٠ كيلومترًا، وسيكون اصطدامها المباشربإحدى المدن كافيًا
لقتل ملايين الأشخاص. تذكَّر أن كويكبًا يبلغ قطره ٢٠٠ متر هو كويكب معتدل الحجم؛
أما الكويكب الذي يبلغ قطره كيلومترًا واحدًا فيعد الحد الذي يخلف بعده الارتطام آثارًا
تطال العالم أجمع.
حين تصير العروض الضوئية مهلكة 
إن المخلفات الفضائية التي ورد ذكرها حتى الآن تأتي على نحو غير متوقع، لهذا
السبب لا نشعر بارتياح كبير تجاه حقيقة أن اصطدامًا يماثل في حجمه ذلك الذي

نهاية كل شيء
قتل الديناصورات يحدث كل ١٠٠ مليون عام. لنرى ما مدى احتمالية ذلك: لقد وقع
الاصطدام منذ ٦٥ مليون عام، وهذا يعني أنه لا يزال أمامنا ٣٥ مليون عام أخرى، لذا
فإننا لسنا في خطر. قد يكون ذلك صحيحًا فقط لو أن الأمر يقع كل ١٠٠ مليون عام
على نحو منتظم، لكن مع العشوائية التي يتسم بها وصول الحطام الفضائي، تماثل
التالية في عيد ميلادك القادم احتمالية وقوعها في اليوم « الكارثة الكبرى » احتمالية وقوع
نفسه بعد مرور ٣٥ مليون عام من الآن. 3
يمكن التنبؤ بتوقيت نوع ما من الارتطامات ما دام ذلك يتعلق بمعرفة إن كان
الاصطدام سيحدث في عيد ميلادك أم لا. يحدث وابل الشهب حين يمر كوكب الأرضخلال
حطام ملقًى بطول مسار أحد المذنَّبات التي تتقاطع مع مدار كوكب الأرض. ويعتمد
اسم الوابل على مجموعات النجوم التي يتركز فيها العرض الضوئي (وابل الشهب)،
ووابل شهب ،« هالي » فوابل شهب الجبار الذي يبلغ ذروته في ٢١ أكتوبر يرتبط بالمذنَّب
ويرتبط ،« ١٨٦٢ الثالث » برسيوس، الذي يبلغ ذروته في ١٢ أغسطس يرتبط بالمذنَّب
4.« ٣٢٠٠ فايثون » وابل شهب الجوزاء، الذي يبلغ ذروته في ١٤ ديسمبر، بالمذنَّب
يعد تغيُّر وابل الشهب من عام لآخر إشارةً على التوزيع غير المتساوي للحطام بطول
مسار المذنَّب. تتكسَّر قطع الحطام مبتعدة عن المذنَّب بفعل تأثير الشمس، وبعضها قد
يكون كبيرًا بدرجة كافية لأن يتسبب في وقوعضرر. في العام العادي، يسجِّل وابل شهب
الأسد معدل ذروة معتدلًا يبلغ حوالي ١٠ ومضات ضوئية في الساعة، لكن عام ١٨٣٣
وصف شهود العيان في مدينة بوسطن عاصفة من الشهب الساقطة ذات معدل مشابه
لتساقط الكتل الثلجية في عاصفة ثلجية، وفي عام ١٩٦٦ حصر شهود العيان المحليون
معدلات تساقط بلغت ١٥٠ ألف ومضة ضوئية في الساعة على مدار فترة دامت ٢٠
دقيقة، وكانت السماء ساطعة بالضوء، حتى إن الناس استيقظوا لظنِّهم أن الشمس قد
أشرقت.
لشهب الثور دور خاص في الوعي والثقافة الإنسانية. تَنتُج هذه الشهب — التي
كثيرًا ما يطلق عليها اسم كرات الهالوين النارية لحدوثها في أواخر شهر أكتوبر — عن
هذا المذنب فريد في نوعه؛ لتمتعه بفترة مدارية تبلغ ٤٠ .« إنكي » حطام وارد من المذنب
شهرًا فقط. وتشير العمليات الحسابية إلى أنه دخل الجزء الداخلي من المجموعة الشمسية
لأول مرة منذ حوالي ٢٠ ألف عام، ومنذ ذلك الوقت تفكَّك إلى عدة قطع تماثل الكويكبات
أحد بقايا جسم « إنكي » حجمًا، بالإضافة إلى كم هائل من الحطام كبير الحجم. والمذنَّب

الأخطار التي تهدد المحيط الحيوي
أولي أكبر حجمًا بكثير. ولوابل شهب الثور دورة نشاط تبلغ ذروتها كل ٣ آلاف عام
حين يمر كوكب الأرضبالقرب من مركزه.
كثيرًا ما يصعب للغاية إثبات أوجه الارتباط ما بين الظواهر الكونية والأحداث
التاريخية، لكن ارتبطت شهب الثور بعدد من الأحداث المحورية في التاريخ الإنساني،
آخرها ارتطام تونجوسكا. وقد وصلت ذروتها في زمن المسيح وحين جرى البدء في تشييد
ستونهنج. ويعتقد بعض الباحثين أن انقسام المذنَّب الأصلي كبير الحجم أثناء العصر
البرونزي تسبب في دمار للهلال الخصيب، وهو ما دعمه دليل عُثر عليه في العراق لفوهة
نيزك كبيرة ترجع إلى ذلك الوقت. وربما وجد الحدث سبيله إلى أسطورة جلجامش حين
رفعوا مصابيحهم وأضاءوا الأرض » تحدثت آنذاك عن الحكام السبعة للجحيم الذين
«. حوَّلت النهار إلى ليل وهشَّمت الأرضكالكوب » وعن عاصفة مخيفة ،« ببريقها
لا ندري هل يثير وابل الشهب الخوف والتعجب والتفكير الكارثي أكثر من الوقود
أم لا. من السهل تصور أن الظهور المتكرر لوابل الشهب كان أحد العلامات المميزة
لكن قد تتعرض الأرض .« ذكرياتنا الشعبية » للحضارة البشرية؛ أي إنه واحد من أولى
لخطر شديد مع حركتها المدارية المنتظمة إذا مرت بوابل كبير، وربما في عام ما يصير
العرض الضوئي مهلكًا.



0 التعليقات:

Post a Comment

شاهد ايضا