تسليم مفتاح بغداد
الزيارات:

Mahmoud | 2:07:00 AM |

لعبة بريطانيا السياسية لإنقاذ أمريكا من الهزيمة والاحتفاظ
بالدور الأقوى دائما
صدام وافق على الصفقة المضمونة أوروبيا أم كان ضحية
الخيانة
كان دخول القوات الأمريكية إلى بغداد العاصمة
العراقية صباح يوم الأربعاء ٩ أبريل ٢٠٠٣ أشبه بنزهة فى
أرض جرداء.. اختفت الشرطة وأفراد الحراسة الرابضين
دائما أمام المبا ني والمصالح الحكومية والشوارع وحتى
عساكر المرور والمطافئ ليس لهم آث ر .. لم تتعرض القوات
لطلقة واحدة من المدافع أو المدرعات أو حتى البنادق الآلية
التى وزعت على أ ه إلىبغداد – نصف مليون بندقية – فضلا
عن التسليح ا لشخصي للعراقيين حيث لا يخلو بيت من قطعة
سلاح واختفى أيضا المراسلون الأجانب ومندوبو المحطات
الفضائية الذين أصيبوا بالهلع نتيجة القذف المتعمد فجر
الثلاثاء – اليوم السابق لسقوط العاصمة – لمكاتب الجزيرة
وأبو ظبى ورويترز وفندق فلسطين مقر الصحفيي ن .. لقد
كانوا جميعا فى الفندق ينتظرون المقاومة الشرسة والصحاف
وزير الإعلام العراقى ليشرح لهم ما يحدث..
ووجدوا كاميرا غريبة تبث صورا لكل التل فزيونات
مجانا ومن دون وضع علامة تحدد هويتها تقدم لنا أفرادا
بالزى المدنى يجرون إلى مبان حكومية فى أحياء بغداد
ويخرجون بالكراسى أو الثلاجة أو فازة أو إطار كاوتش
وكلها أشياء أقرب للخردة منها للأشياء الثمين ة .. وذات
الوجوه وجدناها فى أكثر من موقع وكأن الكاميرا تنتقل
بالممثلين من مشهد إلى مشهد بل إنهم أيضا من داسوا
صورة صدام وكان معظمهم عند تمثاله أمام فندق فلسطين
ليسقطوه والأغرب أن الكاميرا كانت تنقل الأحداث بلا
صوت مصاحب.. واستمرت هذه التمثيلية الهزلية طوال
خمس عشرة دقيقة وأعيدت عشرات المرات على كل
الفضائيات ولم نر مثيلا لهذه الأحداث فى أماكن كثيرة فقط
أمام مقر الأمم المتحدة ووزارتى المواصلات والرى والمدينة
ألاولمبية وجميعها فى نطاق مك  انى متجاور ومحدود لا
يتجاوز دائرة قطرها كيل و متر واحد فى قلب بغدا د . وتنازل
المصور عن حقه المادى الضخم والأدبى فلم يعلن عن هويته
حتى اليوم ليحقق السبق الصحفى الذي هو الهدف كل
إعلامى مما يؤكد أن هذا التصوير إنما كان من جهة سرية
لا تريد الإعلان عن نفسها.
بغداد تدخلها المدرعات الأمريكية ولا يتحرك أحد
كيف؟ وأين الجيش ؟ ! قتلوا.. فأين الجثث؟! وأين آليات القتال
لم نر مدرعات محر و قة أو مدافع مدمرة أو بنادق ملق اة على
الأرض؟! أين المستسلمون من القاد ة ؟! هربوا.. كيف
يهربون فى ظل حصار عسك ر ي مطبق على بغداد قبل ثلاثة
أيام من اجتياح العاصمة؟!
إننا أمام تسليم كامل بلا مقاومة ولا وجود لسلطة أو
جيش أو حتى سكان مدنيين.
ومن يعرف العراق والعراقيين وأنا ومع  ي سبعة
ملايين مصري زاروها أو عاشوا هناك نعرفهم ولا يمكن أن
يحدث هذا إلا فى حالة واحدة هي صدور أمر واضح من
القيادات الحزبي  ة البعثية والعسكرية بوقف المقاومة
والانسحاب والالتزام الحدي د ي بذلك لا يبيح لأحد أن يقوم ب أي
عمل عكس الأوامر.
إذن ما يحدث أمامنا من استسلام لبغداد فى صبيحة
يوم الأربعاء ٩ أبريل ٢٠٠٣ م، هو جزء من سيناريو
محبوك وضعت تفاصيله على عجل وبدأ تنفيذه فورًا.
الصفقة المرضية لكل الأطراف
نتصور أن الصفقة التى أبرمت بعقلية إنجليزية
واتفاق فر نس ى ألمانى وتنفيذ روسى وترحيب ومساندة محلية
من الدول المجاورة للعراق تقوم على الآتي:
١- حفظ ماء الوجه لأمريكا وبريطانيا أمام فشل
السيناريو العسكري وصلابة المقاومة وطول فترة
القتال والغضب العال م ي المتصاعد ضدهم فتدخل
أمريكا بغداد فى هدوء وبلا مقاومة على أن تشارك
فرنسا وروسيا وألمانيا فى التورتة والنفوذ فى
المنطقة.
٢- إعادة الحياة لدور الأمم المتحدة وعلاج حالة العزلة
الأمريكية البريطانية مع أوروبا والنظام الدو لي
القائم والمتفق عليه ع الميا (بعد أن انطلقت أمريكا
وبريطانيا لغزو العراق دون موافقة الأمم المتحدة أو
الحلفاء الغربيين ) على أن تشرف الأمم المتحدة
على العراق وتجرى انتخابات ديمقراطية وتشكل
حكومة جديدة للعراق.
٣- تأمين خروج صدام حسين ومن يريد من أسرته
وقياداته من بغداد المحاصرة برعا ية وحماية من
الاستخبارات فى عدة دول ومنها الولايات المتحدة
الأمريكية وعدم محاكمته على جرائمه ومن معه فى
الحروب السابقة.
٤- الحفاظ على حزب البعث قيادة وعضوية ودورا فى
الساحة العراقية وضمان استمرارية البعث فى
التشكيل البرلماني والحكومي القادم فى العراق.
٥- الحفاظ على وحدة العراق وعدم تقسيمه وإسقاط كل
الوعود للشيعة والأكراد بتقسيم العراق.
٦- تكون لأمريكا النسبة الأكبر فى عمليات أعمار
العراق وتتقاسم بقية الدول الضامنة للصفقة نسب
الكعكة العراقية بما يحقق مصالح الجميع.
٧- تقوم إحدى الدول المجاورة بدور أسا س ي فى إنجاح
الصفقة واستمرارها نظير المشاركة فى إعمار
العراق ولعب دور إقلي م ي أساسي واستمرار قوة
حزب البعث فى المنطقة.
٨- تتعاون الدول الغربية ( فرنسا وألمانيا وروسي ا) معا
على تعميم الديمقراطية فى المنطقة على غرار ما
حدث فى أوروبا الشرقية بعد سقوط حائط برلي ن
."١٩٩٢"
ونتصور أن هذه الصفقة قد وضع لها برنامج زم ني
وتوقيتات محددة يتم الالتزام فيها بانسحاب الجزء الأكبر من
القوات الأمريكية والبريطانية وإشراف الأمم المتحدة على
الأوضاع وإنشاء حكومة مؤقتة وأجراء انتخابات جديدة خلال
فترة تترواح ما بين أربعة إلى ستة أشهر.
كما نتصور أن روسيا وقي  ادات البعث والجيش
العراقيين قد تحسبوا لانفلات يمكن أ ن يحدث فى الجانب
الأمريكي "بالتحديد" يؤدى إلى عدم التزامه بتنفيذ الصفقة
فأصروا على الإبقاء على قوتهم الضاربة مؤمنة فى
العراق وسوف يشعلون نيران المقاومة مرة أخرى وهو
ما يفسر هذا الاختفاء المريب للجيش والح ز ب والقوات
والعتاد دفعة واحدة.
وإذا ما صحت هذه التوقعات فإن الصفقة التى بدأ
تنفيذها ترضى كل الأطراف وتحقن الدماء وتحقق وحدة
العراق واقتسام الكبار للنفوذ والأمان والاستمرار لحزب
البعث ورجالات النظام السابق.
متى تمت الصفقة ولماذا؟
كانت أولى روائح الصفقة ا لسياسية التى رصدناها
بعد المعارك الضارية التى شهدتها مدين ة "الناصرية" بدءا
من اليوم الثامن للحرب (يوم ٢٧ مارس ٢٠٠٣ م) ومع
تصاعد المقاومة فى اليوم الحا د ي عشر للمعارك رأينا
انقلابات حادة فى معسكر قوات التحال ف .. حيث شهد
الأسبوع الثالث من الحرب أحداثا غريبة ومت ناقضة فقد
أعلنوا عن إعفاء قائد المارينز ثم إقالة ريتشارد بيرل
أمير الظلام والصقر الصهيونى العنيد من منصبه كرئيس
لخبراء التخطيط وكان رامسفيلد وزير الدفا ع ذاته مهد د ا
بالإقالة بعد خطأ التوقعات باستسلام العراقيين فى
الجنوب واستقبالهم للقوات الغازية بالورود ومع تزايد
أعداد القتلى والج ر حي الامريكيين " ح و إلى ٨٥٠ قتيلا
وألفى جريح فى بعض التوقعا ت " ومع طول فترة القتال
وازدياد موجة الكراهية ضد أمريك ا " ٨٤ دولة خرجت
فيها التظاهرات المتتالية ضد الحر ب " ورأينا فى بريطانيا
هجوما وتأنيبا وتهديدا واستقالة بين قيادات الحزب الحا ك م
أبرزها مواقف روبن كوك زعيم الحزب فضلا عن
ضربات تحت الحزام للدولار والمصالح الأمريكية فى
أوروبا ومعظم دول العال م . ونفد صبر الديمقراطيين فى
أمريكا فخرجت تظاهرات بالجملة حتى أصبحت حصيلة
المعتقلين فى أمريك ا وحدها ( مليوني معتقل امريك  ي)
وتصاعد الغضب فى الكون ج رس لتعرض سمعة أمريك ا
للخطر وسيطرة البنتاجون على مجريات القرار ا لسياسي
الداخلي والخارجي. كما بدا جليا أن روسيا وفرنسا
وألمانيا يقومون بدور مساند للصمود العراق  ي ودعم
استمرار المقاومة العراقية للهجمة العسكرية الشرسة ضد
العراق حيث اتهمت أمريكا الدول الغربية ب توريد كميات
كبيرة من أدوات الرؤية الليلية وتشويش الرادارات
للعراقيين وهم لم يكونوا يمتلكون هذه التقنيات فبل
المعركة.
وفى التوقيت الذي كان رامسفيلد وزيرالدفاع يعلن
عن تجييش ١٣٠ ألف جن د ي وتجهيزهم وطلبت الحكوم ة
الأمريكية من مصانع السلاح إنتاج كميات ضخم ة 
جديدة وبسرعة  من صواريخ توم هوك وغيرها (يوم
٢٩ مارس ٢٠٠٣ م) كان يبدو للعيان وباتفاق كل
المحليين العسكريين أن قوة الدعم والمساندة القادمة
سوف تستغرق فترة طويلة "خمسة إلى ثمانية أسابي ع "
لتصل إلى منطقة القتال.
وفجأة رأينا نبرة دبلوماسية مغايرة تماما يطلقها
يوشكا فيشر وزير الخارجية الألمان ى و فيلبان وزير
الخارجية الفرنسى فى اليوم الرابع عشر من الحرب (يوم
٣ أبريل ٢٠٠٣ م) كلاهما أكد أنه متعاطف مع أمريكا
ولا يتمنى هزيمتها فى الحرب ثم سمعنا ذات التصريح
يأتي من الكرملين على لسان الرئيس الروسى بوتين بل
عبر ثلاثتهم عن رغبتهم الواضحة فى انتصار أمريكا.
كيف؟! الوزير الألماني الذي قال له كولن باول لن
نتعامل مع ألمانيا إلا بعد تغيير الحكومة فيها والوزير
الفرنسي الذي اتهمه رامسفيلد وكون د ا ليزا رايس بأن
حكومته تعيش فى الما ض ي يتحولان من النقيض للنقيض
ومعهما شرودر المستشار الأ لماني وشيراك الرئيس
الفرنسي!
لابد وأن وراء تغيير اللغة توافقا على مشروع محدد
الملامح لأن الدول الكبرى لا تتحرك بالعواطف والقبلات
على الأنف وإنما تحركها المصالح.
ونعتقد أن العقلية الإنجليزية ذات التاريخ الطويل فى
التعامل مع مختلف دول العالم والدول العربية كثير منها
مستعمرات سابقة لها بما فيها العراق كانت تضع خطة
بديلة لإنقاذ الوضع المتدهور فى ميدان القتال.
ونتصور أن بريطانيا سارعت بتكثيف حركة
دبلوماسية نشطة بين لندن وباريس وبرلين وموسكو أدت
إلى هذا التصور العم لي للخروج من المأزق لإرضاء كل
الأطراف والحفاظ على مكانة أمريكا النموذج الأقوى
لليمين فى العالم.
وكان شرط نجاح السيناريو أن يستبعد الضغط
الصهيوني على القرار ا لأ مريكي فجاءت الإطاحة
بريتشارد بيرل وقطاع كبير من الصهاينة فى المنظومة
الحاكمة الأمريكية لتغليب صوت العقل والمصالح الغربية
الأوروبية الأمريكية ا لمشتركة على جنون الحرب الذي
يهواه ويندفع فيه الصهاين ة .. واقتسام المصالح فى العالم
أفضل من حرب صدامية مرتقبة بين أمريكا وأوروبا
وكلتاهما فى معسكر اليمين.
كلمة السر السفير الروسى
نتصور أن الموافقة على السيناريو الب ر يطاني البديل
قد تمت على عجل و بلا مقدمات كثيرة وبدأ التنفيذ على
الفور عبر السفير الرو س ي فى بغدا د .. ونعتقد أن تهريب
رجال صدام وكبار معاونيه وبعض أفراد أسرته قد تم
فى اليوم السادس عشر من بدء القتال (يوم ٥ أبريل
٢٠٠٣ م) لينتقلوا إلى أوكرانيا ثم روسيا البيضاء أو اى
مكان آخر فى العالم.
ولا نعرف إذا كا ن حادث إطلاق النار على أحدى
القوافل الروسية المتجهة إلى سوريا " نتصور أنها عشر
قوافل على الأق ل " قد تم بالخطأ أما أنه جزء من خطة
التمويه المتعمدة لإنجاح المهم ة .. وإلا فما هو مبرر أن
يعود السفير الروسى مرة أخرى إلى بغداد رغم استدعائه
لروسيا وإصابة سياراته بالقذائف ومخاطرته بسلامة
الشخصية هل كل ذلك بلا سبب ؟!
وتأتى سلسلة من الحوادث غير المفهومة خلال الأيام
الثلاثة الأخيرة للحرب حيث وجدنا أن قائد القوات
الأمريكية التى احتلت مطار صدام قد عزل من القياد ة !!
وكأنه أخطأ فى نجاحه الاستيلاء على المطار؟!
ثم رأينا الاعتداء المتعمد على الصحفيين وضربهم
بالقذائف ومصرع وإصابة عدد كبير منهم با لا سبب
واضح!!
كما تم الإعلان عن خبر احتجاز صحفيين صهيونيين
يعمل أحدهما فى الإذاعة والآخر فى يديعوت أحرونوت
الصهيونية بتهمة التجسس لصالح صدام حسين؟ وهذه
النوعية من الأخبار لا تنشر ح تى لو كانت صحيحة
حرصا على الصهاينة وكأنها رسالة لإسرائيل بع د م
التحرك لإفساد الصفقة التى تم إبراهما ويبدو أ ن "
شارون " فهم الدرس سريعا فأعلن فجأة موافقت ه المبدئية
على" خارطة الطريق " معللا ذلك بأن رؤية (مقابلة)
الرئيس بوش تحتاج الكثير من التنازلات ثم أردف
الصهاينة وقدموا مرونة شديدة مع طلبات يوشكا فيشر
الذي اهتم فجأة مع تونى بلير وبوش بإنجاح خط ة "
خارطة الطري ق " لوقف حرب الإبادة المستمرة
للفلسطينيين والتي يقوم بها الصهاينة طوال ٢٨ شهرا
( مع الانتفاضة الثانية ) بل كانت هذه القضية هي محور
نقاش بلير وبوش فى أير لندا الشمالية والمفروض أنهما
يناقشان شيئا آخر هو الحرب فى العراق ؟ ! بل كان مشهد
مندوبي الدول العربية فى الأمم المتحدة مساء يوم ٨
أبريل يؤكد أن الهزيمة قد لحقت بالعراق بالفعل.



0 التعليقات:

Post a Comment

شاهد ايضا