هل حقا يوجد ما يسمى موت الشمس ؟
الزيارات:

Mahmoud | 5:24:00 AM |

سالي باليوناس هي الطبيبة المختصة بمتابعة حالة الشمس. هي تعلم أنه حين
المغناطيسي « التنفس » تعطس الشمس تعتل الأرض، وهي تقيس نبض الضوء و
للشمس، وتدرس تأثيراتها على كوكبنا، التي كثيرًا ما تكون لطيفة وأحيانًا تكون
عميقةً. في القرن السابع عشر، أصيبت الأرض بنزلة برد شديدة، أطلق على هذا
إذ انخفضت درجات الحرارة في أوروبا ؛« العصر الجليدي الصغير » العصر اسم
بشدة، حتى إن الهولنديين كانوا يتزلجون على القنوات طوال فصل الصيف، وظل
الاسكتلنديون مغمورين بالثلج طوال العام. شهد ذلك العصرأيضًا خمولًا شمسيٍّا،
دورة البقع « نسي » واختل المجال المغناطيسي للشمس بدرجة كبيرة، حتى إنه
الشمسية المنوط بها.



اكتشفت سالي باليوناسالجرثوم الفلكي عام ١٩٧٧ ، حين كانت طالبة دراسات
في جنوب كاليفورنيا. في أول ليلة قضتها « جبل ويلسون » عليا تعمل في مرصد
في الرصد حطمت صاعقة برق شجرة قريبة وفجرت كل نوافذ المبنى؛ لذا عدَّت
ذلك نذير شؤم. كانت سالي أحد أفراد فريق عمل مكون من متطوعين وعلماء فلك
محترفين، وهو الفريق الذي أنقذ التليسكوب البالغ قطر مرآته ٢٫٥ متر ( ١٠٠
بوصة)، الذي كان عملاقًا في زمانه، حتى إن إدوين هابل استخدمه لقياس حجم
الكون وتمدده، من الإغلاق الوشيك. عاد التليسكوب القديم الضخم للعمل مجددًا،
وهو يستخدم في كل ليلة صافية من أجل إجراء الأبحاث، وسالي باليوناس هي
مديرة الموقع.

إن مراقبة الشمسوانتظار تقدمها في العمر أسوأ من مراقبة الطلاء وهو يجف؛
لذا تدرس سالي باليوناس النجوم المماثلة للشمس في مراحل تطورها المختلفة كي تجمع أجزاء قصة تقدم الشمس في العمر.

هذا يتيح لها فرصة استخدام عينة كبيرة
لتتبع التغيرات التي تستغرق وقتًا أطول بكثير من حياة أي إنسان.
صارت سالي باليوناس محل انتباه الرأي العام، لكن على نحو غير مريح
لكل من يحب النظر إلى العلماء بوصفهم أشخاصًا يتصفون بالنزاهة والموضوعية
وينأون بأنفسهم عن الجدال السياسي. ترى سالي أن التغيرات المناخية ناتجة عن
الشمس لا عن النشاط البشري؛ وقد عارضت اتفاقية كيوتو ونتائج اللجنة الدولية
المعنية بتغير المناخ. هي شخصمفضل من جانب بيوت الخبرة المحافظة، وحظيت
ومعهد البترول الأمريكي. « إكسون موبيل » بتمويل لأبحاثها من شركة
قد يكون النظر إليها كدُمية تحركها الشركات وتسبح ضد تيار الأدلة الغامر
عن التغير المناخي أمرًا مغريًا، لكن سالي تجسد بعض الأسئلة المثيرة للاهتمام عن
العلم: إلى أي مدى يتأثر العلماء بالأيديولوجيات السياسية حين يفسرون البيانات؟
أليس تعرُّضالتفسيرات السائدة للتشكيك فيها ظاهرةً صحيةً؟ ماذا لو كان هناك
عدة آليات تساهم في التغير المناخي؟ وإذا لم نلم بكل ما يؤثر على كوكبنا أو
شمسنا؛ أي كل ما يمد المحيط الحيوي بالطاقة ويحافظ على جميع أشكال الحياة
على الأرض، ألا نخاطر بذلك بالتغاضي عن القضية الأساسية والتمسك بقضايا
فرعية؟




في
خيالية للفلاسفة وعلماء الفلك المهووسين بالسماء. كانوا يخشون أن يُغطى وجه الشمس
بالبقع على نحو متزايد يحول دون وصول الحرارة والضوء الكافيين إلى العالم. وحين
يقابل سكان جزيرة لابوتا شخصًا ما في وقت مبكر من اليوم لا يسألونه عن حاله، بل
هذا الصباح؟ « الشمس » يسألونه: كيف بدت
منذ ألفي عام، لاحظ فلكيو البلاط الإمبراطوري الصينيون الشوائب الموجودة على
وجه الشمس وتتبعوها. وفي جميع الثقافات التي اعتمد فيها التنبؤ بحالة الطقس على التغيرات الموسمية والشعبية كانت أي صلة واضحة بين شكل الشمس أو سلوكها والمناخ
أمرًا ذا أهمية عملية شديدة. وفي عام ١٨٠١ أعلن سير ويليام هيرشل عن اكتشافه وجود
علاقة بين عدد البقع الشمسية وسعر بوشل القمح؛ فحين كانت البقع الشمسية نادرة،
كان سعر القمح مرتفعًا دائمًا. وقد ذهب إلى أن وجود عدد أقل من البقع على الشمس
يعني نقصًا في الإشعاع المنبعث؛ مما يؤدي إلى ظروف نمو أسوأ، وانخفاض للإنتاج
الزراعي، وأسعار أكثر ارتفاعًا وفق قانون العرضوالطلب الذي لا يرحم.


بعد مائتي عام لا تزال الشمس تُحير العلماء، الذين يحاولون استيعاب تأثيراتها
على الأرض. يبلغ إجمالي الطاقة التي تصل إلى أعلى الغلاف الجوي ١٣٦٦ واطًا لكل
متر مربع، وكأن مصباحًا ضوئيٍّا مسلطًا لكل مساحة تماثل في حجمها قطعة الورق.
على مدار الدورة الشمسية التي مدتها ١١ عامًا — وذلك وفق أدق قياساتنا — يتفاوت
الناتج الشمسي بنسبة ٠٫١ ٪ فحسب. ذلك أداء متسق للغاية، وسيكون من الشاق عليك
أن تلاحظ التباين في مصباح ضوئي تغيرت طاقته من ٩٩٫٩ واطًا إلى ١٠٠٫١ واط.
وهذا لن يغير درجة الحرارة إلا بمقدار ٠٫٠٥ مئوية ( ٠٫٠٩ فهرنهايت)، لكن نماذج
المناخ غير مؤكدة بدرجة كبيرة، وتتنبأ الصور المختلفة منها بأن الشمس يمكن أن تكون
السبب وراء نسبة تتراوح من ١٠ إلى ٣٠ ٪ من الاحترار العالمي الذي وقع حديثًا.





تخفي تفاوتات الضوء المتواضعة حقيقة أكثر عمقًا: إن الشمس مولد للطاقة، بكل
معنى الكلمة؛ فالبقع الشمسية هي مساحات ذات درجة حرارة سطح منخفضة تشهد
تركيزًا قويٍّا للمجالات المغناطيسية. ينعكس اتجاه المجال المغناطيسي للشمس بأكمله مع
كل ذروة في دورة البقع الشمسية، ومع أن الإشعاع ذا الطول الموجي القصير لا يمثل
سوى نسبة يسيرة من إجمالي الناتج الشمسي، فإنه يتباين بصورة مثيرة، مخلفًا آثارًا
معقدة وعميقة على مناخ الأرض وغلافها الجوي. وعلى مدار الدورة الشمسية يتفاوت
مقدار الأشعة فوق البنفسجية أكثر من تفاوت الضوء المرئي بنحو ١٥ ضعفًا، ولهذه
الفوتونات المحملة بالطاقة تأثير بالغ على طبقة الأوزون.

إن التأثيرات الثانوية المرتبطة بالبقع الشمسية هائلة؛ إذ تقذف الشمس من
سطحها بحلقات من البلازما أكبر في حجمها من الأرض، وبهذا تصل بين خطوط المجال
المغناطيسي؛ مما يحرر طاقة تعادل مليار قنبلة ذرية، ويحدث تدفق هائل للغاز من
عند وقوع مثل هذا الوهج .« الانبعاثات الكتلية الإكليلية » سطح الشمس يطلق عليه اسم
الشمسي يتحتم على رواد الفضاء على متن المحطات الفضائية أن يحتشدوا في مساحة واقية لتجنب تلف الخلايا.
وحين تحدث الانبعاثات الكتلية الإكليلية يتبقى لنا عدة أيام
كي نستعد للهجوم الذي سوف يُشن على الأقمار الصناعية ونظم الطاقة لدينا. تسبب
الانبعاثات المعتدلة ظاهرة الشفق القطبي ذات الشكل الأخاذ، أما الانبعاثات الأكثر حدة
فتتسبب في أضرار بشبكة الطاقة الكهربائية تقدر بمليارات الدولارات.


ما لم تكن في الفضاء، فلن يهدد أي شكل من هذا السلوك حياتك، لكن هذا العنف
يذكرنا بأن الشمس ليست مجرد نجم مستقر باهت. أطلق وهج شمسي — يقع بهذه
الشدة مرة كل ألف عام — حدث عام ١٨٥٩ شفقًا قطبيٍّا شديد السطوع، حتى إن
قاطني إنجلترا كانوا يستطيعون القراءة في ضوئه، وكان شديد الانتشار، حتى إنه شوهد
« توهجات عظمى » في جزر الباهاما وهاواي. وتمر بعض النجوم المماثلة للشمس ب
تحمل من الطاقة ما يزيد على ١٠ إلى ١٠٠ مليون مرة عن أقوى وهج جرى رصده على
الشمس، ومن شأنها أن تدمر طبقة الأوزون على نحو شبه مؤكد، ومن ثم تتسبب في
خلل السلسلة الغذائية. ومن حسن حظنا لا يبدو أنها تحدث إلا عندما يتشابك المجال
المغناطيسي لكوكب عملاق موجود في مدار قريب مع النجم، وليس لكوكب عطارد صغير
الحجم أي مجال مغناطيسي.



وكأن  « العيش مع نجم » جمعت وكالة ناسا برامجها الشمسية تحت مسمى
مرصد الشمس ) « سوهو » أمامنا اختيار). البعثة الفضائية الرئيسية هي القمر الصناعي
وغلافها). غيَّر هذا القمر الصناعي عظيم الشأن من رؤيتنا للغلاف الداخلي والخارجي
اكتشف ما يزيد عن ألف مذنب شديد « فراغه » للشمس والرياح الشمسية. وأثناء وقت
من خلال ستة « الشبكة العالمية لمراقبة نبضات الشمس » القرب من الشمس. تعمل
أجهزة تصوير شمسي موزعة في جميع أنحاء الكرة الأرضية تراقب الشمس على نحو
مستمر، وتصدر تحذيرًا حال حدوث شيء. إن الكشف عن السمات الظاهرية يعطي
صورة مفصلة للجزء الداخلي من الشمس.
تستخدم أجهزةُ إعداد النماذج الشمسية أجهزةَ كمبيوتر قوية لتحويل البيانات إلى
رؤية ثلاثية الأبعاد للشمس، وباستطاعتها أن تتنبأ بالانبعاثات الكتلية الإكليلية؛ حين
تلتوي خطوط المجال المغناطيسي بشدة، حتى إنها تنقطع كشريط مطاطي، وتقذف
بمليارات الأطنان من البلازما تجاه الأرض بسرعة مليون ميل في الساعة. وكانت هذه
الأجهزة دقيقة في تنبئها بشكل هالة الشمس أثناء الكسوف الكلي للشمس في مارس عام
.٢٠٠٦

تتجلى القوة المذهلة للشمس وأهميتها المحورية لوجودنا على نحو شديد الوضوح
بالكسوف مثل بعضزملائي، « المهووسين » أثناء الكسوف الشمسي. ومع أنني لست من
فقد حالفني الحظ بأن أرى الكسوف الكلي للشمس عدة مرات. وهو مبهر للغاية حين
يحدث على الماء. حين كنت بالقرب من الجسر، وأنا على متن سفينة سياحية قريبة من
باجا بكاليفورنيا عام ١٩٩١ ، شاهدت الظل يمرق عبر المياه الممتدة متجهًا نحونا، وخيم
بعدها الصمت والذهول على مئات المشاهدين. وعند الظهيرة في تلك المنطقة المدارية،
بدا الأمر وكأن قبضة يد اخترقت السماء محدثة ثقبًا أسود فوقنا. وفي عام ٢٠٠٦
كنت قبالة ساحل تركيا على متن سفينة تبحر بهدف العثور على فرجة بين السحب
لمشاهدة الكسوف. كنا على بعد مائة ميل من موقع كسوف شهير وقع عام ٥٨٥ قبل
الميلاد، حين كتب هيرودوت أن قبيلتين متحاربتين، الميديين والليديين، أصابهما الذعر
والارتباك حين أظلمت السماء. وضعت القبيلتان أسلحتهما وسط المعركة وأعلنتا السلام.
كنت أشاهد باستمتاع والمشاهدون يحتشدون على جانب السفينة، ويدفع بعضهم بعضًا
للتمتع برؤية أفضل، على الرغم من أنه لم يكن أحد جانبي السفينة أقرب إلى الشمس
المظلمة من الآخر.


أكثر عتامةً عند غياب البقع الشمسية، ومع ذلك فالقصة الكاملة أكثر تعقيدًا؛ لأن الشمس
الخالية من البقع ستخفض درجات الحرارة بمقدار ٠٫٥ درجة مئوية فحسب (درجة
واحدة فهرنهايت)، وهو أقل مما مرت به أوروبا. علاوة على ذلك، كان العصر الجليدي
الصغير مقصورًا على نصف الكرة الشمالي، وبدأ في وقت مبكر يرجع إلى القرن الثالث
. عشر، مع وصول درجات الحرارة إلى أقل معدلاتها في الأعوام ١٦٥٠ و ١٧٧٠ و ١٨٥٠
لعب النشاط البركاني المتزايد دورًا في هذا الأمر، وربما أسهم في الأمر أيضًا توقف ظاهرة
التي تسمح لأوروبا بأن تستمتع بدفء تيار الخليج. « سير المحيط المتحرك العظيم »
على مدار مقاييس زمنية أطول، كانت التغيرات في مخرجات الشمس مهمةً، لكن
تعين قياسها بصورة غير مباشرة قبل عصر التليسكوبات. يعتبر الكربون ١٤ المشع
وسيلة قياس ممتازة؛ إذ يتكون حين تنهمر الأشعة الكونية من الفضاء على الأكسجين
في الطبقة العلوية من الغلاف الجوي، ثم يُدمج في حلقات الأشجار. ثمة عنصرآخر هو
البريليوم ١٠ الذي يمكن قياسه في طبقات الجليد القطبية. يحمي المجال المغناطيسي
الشمسي الأرض من الأشعة الكونية؛ لذا حين يكون النشاط الشمسي والبقع الشمسية
منخفضين يتكون كم أكبر من الكربون ١٤ والبريليوم ١٠ ويترسب، وينخفضتركيزهما
حين يكون النشاط الشمسي مرتفعًا. وكلا العنصرين يؤكد حدوث فترة غياب البقع
الشمسية ويوضح أن النشاط الشمسي على مدار الأعوام السبعين الماضية مرتفع بنفس
المقدار الذي كان عليه على مدار الثمانية آلاف عام الماضية. ليست تبعات تغير النشاط
الشمسي على المناخ واضحة لأن الاقتران غير مباشر ومعقد.
تعد فترة العشرة آلاف عام قطرة في بحر الزمن الجيولوجي، وقد كانت العشرة آلاف
عام الماضية فترة دافئة أطلق عليها اسم الهولوسين، وهي الفترة التي تبعت ذروة العصر
الجليدي الأخير منذ ٢٠ ألف عام. تقدم لنا الطبقات الرسوبية والجليدية القديمة سجلٍّا
شهدت المليون عام الأخيرة تحديدًا - كاملًا للتغيرات على مدار ٥ ملايين عام 
تغيرات مفاجئة في المناخ، مع تفاوت فاق ١٠ درجات مئوية ( ١٨ درجة فهرنهايت)
وهو ما يزيد عن المقدار الذي نقلق أن يتسبب به الاحترار العالمي الحالي الذي يتسبب به
البشر.
الشمس مسئولة جزئيٍّا عن هذه التغيرات، وذلك بطريقة دقيقة ترتبط بالتغيرات
في مدار الأرض، فمنذ مائة عام خمن عالم الرياضيات الصربي ميلوتين ميلانكوفيتش
أن العصور الجليدية نتجت عن مجموعة من التغيرات الدورية: التغير الذي يحدث كل ١٠٠ عام في الدرجة
 التي ينحرف بها مدار الأرضحول الشمس عن إحدى الدوائر،
والتغير الذي يحدث كل ٤١ ألف عام في ميل محور الأرض بالنسبة للشمس، والتواء
محور دوران الأرض الذي يحدث كل ٢٣ ألف عام مع الدوران السريع للكوكب حول
نفسه. كل هذه التأثيرات تغير قدر الإشعاع الذي يتلقاه كل مكان بعينه على السطح.
وتجتمع الإيقاعات الكونية المتكررة لتوجد نمطًا معقدًا من البرودة والتدفئة.
وكما هو الحال مع جميع التغيرات المناخية، تلعب عوامل أخرى دورًا، مثل النشاط
البركاني والارتطامات ودوران المحيطات؛ لأن العصور الجليدية ليست منتظمة على نحو
ما تتنبأ به نظرية ميلانكوفيتش، وقد كانت الدورة التي تحدث كل ١٠٠ ألف عام هي
الأقوى على مدار المليون عام الماضية في حين تذهب النظرية إلى أنها يجب أن تكون الأضعف.
 لكن بصرف النظر عن الآلية، لم يكن أسلافنا الذين عاشوا على امتداد ملايين
السنوات القليلة الماضية ليقلقوا بشأن ارتفاع طفيف في درجة حرارة العالم.



















0 التعليقات:

Post a Comment

شاهد ايضا