تفتيت الدول العربية خلال عشر سنوات
الطائفية والعرقية والأقليات وقود
الاستعمار الجديد
تقسيم وظيفي يبقى على هياكل الدول
ويفرض النفوذ الاجنبى بالقوة
قبل ٢٤ عاما عجز النظام العربى ع ن احتواء ثورة
الخومينى ضد الشاه فى إيران سنة ١٩٧٩ والأكثر من ذلك
تورط العراق فى حرب طويلة ضد طهران ظلت أكثر من
٨ سنوات..
والمشهد السياسي فى الشرق الأوسط ظل طوال
الربع قرن الماضى مأساوي ا.. فقد اشتعلت حرب لبنان
١٩٨٦ وحصار بيرو ت من الصهاينة - الأهلية ١٩٧٥
المدعوميين امريكيا الذي استمر ٨٢ يوما. واشتعلت حرب
الإبادة ضد الفلسطينيين فى الأرض الم ح تلة حتى اندلعت
انتفاضة الحجارة سنة ١٩٨٧ وقتل ت الثورة والمقاوم ة
بمشروعات التسوية طوال التسعينات (راجع اتفاقيات أوسلو
بين الصهاينة والفلسطينيين).
وحقبة التسعينيات شهدت توترات ع نيفة فى السودان
ومصر وليبيا والجزائر وأفغانستان واليم ن .. وبالتإلىيمكن
القول إن معظم دول الشرق الأوسط خضعت لأحداث عنف
أو حروب داخلية تمت تغذيت ه ا وإشعال أوارها من اليمين
المتطرف الصهيونى الذي يمتلك بالفعل رؤية محددة
الأهداف للاستفادة من حالة العجز العربى وم ع التعصب
الأمريكي الجديد وتنامى الرغبة فى الهيمنة على العالم
والسيطرة على الوطن العربى برزت من جديد مشاريع
التقسيم للمنطقة العربية والتى تسربت فى شكل خرائط
واضحة مما يؤكد أننا مقبلون على تفتيت الوطن العربى إلى
دويلات عرقية وطائفية وحرب حضارية طاحنة بشرت به ا.
كتابات بريجنسكى ودريفرس وبرنارد لويس وبعدهم
هنتنجتون ولامارا وفوكوياما.
ثم رأينا ذات الخرائط على مواقع متعددة لمراكز
صنع القرار ا لأ مريكي بعد أحداث ١١ سبتمبر فى أمريكا
وحتى الآن..
ويهمنا هنا أن نشير على أن هذه التصورات لتقسيم
الوطن العربى وتفتيت دوله يعر فها صناع القرار السياسيى
من الرسميين والمعارضة الحكومية والمثقفين والغريب أننا
لم نتحرك لصياغة رؤية بديلة أو لصناعة واقع عملى على
الأرض يحقق التوازن فى الإرادات وإنما اكتفى ذوو ا لعلم
والخبرة بتداول الحديث حو ل هذه المخاطر ومناقشتها فق ط ..
بل واندفع البعض إلى لعب أدوار لإنجاح هذه المخططات.
(يلاحظ دور بعض مثقفى المعارضة فى مصر
وفلسطين والأردن واليمن ودول الخليج تجا ه الترويج
التطبيع والتعاون مع المراكز الاستراتيجية الغربية).
كانت القوى العظمى تروج للهمينة والنموذج والفكر
والمصالح الخاصة بها وتزداد قوة اقتصادية و عسكرية وكنا
نكتفى بمصمصة الشفاة وتغييب الوطن.
ومن أقدم الخرائط لتقسيم الوطن العربى تلك التى
وضعت وأقرها الكونجرس ا لأ مريكي فى جلسة سرية
بالإجماع عام ١٩٨٣ ونشرتها الأهرا م المصري ة فى ٧
أغسطس ١٩٨٧ فى مقال لإبراهيم نافع بعنوا ن " أحداث
الهرم الأخير.. الهدف والمخطط والنذير " وكتبت عنها فى
السياسي المصرى كما نشرتها الأخبار مرة أخرى ٢٦
فبراير ١٩٩٨ (الطبعة الأولى) ونشرتها الوفد فى ٢٨
فبراير ١٩٩٨ بقلم عبد الهاد ى بكا ر (لاحظ استمرار
الاهتمام بها طوال ١٥ عاما).
والخرائط قدمها برنارد لويس الصهيونى البريطانى
الذي أبعدوه من بريطانيا إلى أمريكا فى مطلع الثماني نيات
بعد فضيحة أخلاقي ة !!! والفكرة الأساسية فيها هي إجهاض
كل النظم السياسية العربية المستقلة وتحويل المنطقة إلى
دويلات طائفية وعرقية صغيرة بلا حكومات فاعلة
واستباحة الشعب العربى وثرواته وموارده وتحويلها إلى
المجمتع الغربى لتحقق له الرفاهي ة !! وضمن الخرائط نجد
خارطة واضحة عن ضرورة تقسيم العراق إلى ثلاث
دويلات:
١) دولة شيعية فى الجنوب. )
٢) دولة  سنية وسط العراق. )
٣) دولة كردية تقتطع الشمال العراقى و تمتد )
لتشمل الشمال الشرقى من إيران وغرب
سوريا وجنوب تركيا.
والحقيقة أن هذه الخريطة وضع ت ف ى بداية
الثمانينيات وأقرت فى ١٩٨٣ من الكونجرس الأمريكي
بالإجماع فى عهد الرئيس ريجا ن وكتبنا عنها فى مصر وفى
معظم الدول العربية قبل غزو العراق للكويت بخمسة أعوام
على الأقل ؟ ورغم أننا نعرف ما فيها وتوجهات الغرب لم
تنتبه إلى تصريحات غريبة متعددة بعد حرب إيران العراق
١٩٨٨ ) ومنها ما أوضحه بريجنسكى مستشار الرئيس )
الذى قال" إن المشكلة C.I.A الأمريكي الأسبق للأمن القومى
الحقيقية التى ستواجهها الولايات المتحدة الأمريكية بعد حرب
العراق – إيران هي ضرورة وجود حرب أخرى على
هامشها لتصحيح الحدود التى رسمتها اتفاقية سيكس بيك  و
١٩١٨ ) ومقررات مؤتمر فرساي فى نهاية الحرب العالمية )
الأولى" ثم جاء صراخ كلينتو ن " الرئيس الأمريكي السابق فى
نهاية عهده محذرا أن العرب ينتظرهم مستقبل مظلم قاد م "
وكان الديمقراطيون قد تعمدوا تأجيل هذه السيناريوهات
الدموية وفضلوا ديموقراطية التعاون والعمل المشترك.
إذن نحن أمام رؤية غ ر بية واضحة لملء الفراغ
السياسي والعسكرى فى منطقة الشرق الأوسط تبناها بقوة
اليمين الأمريكي الصهيونى بقيادة الرئيس ا لحالي بوش تهدف
إلى:
١) تدمير القوة العسكرية لإيران والعراق )
٢) إحداث عجز كامل للنظام الع ر بى على )
مستوى الدولة ومنظومة الجامع  ة العربية
معا.
٣) إشعال الصراعات الأهلية الداخلية فى كل )
الدول العربية.
٤) تضخيم قوة إقليمية صهيونية شريكة فى )
مشروع الهيمنة الأمريكية على المنطقة.
٥) السعى إلى تشرذم فصائل المقاومة العربية )
الشعبية فى أطر محكومة بالقمع والتسلط
والقوانين الاستثنائية وسياسة تجفيف الم نابع
وعجزها عن الفعل علميا إلا فى إطار الحالة
الصوتية الزاعقة.
٦) الضغط بالمؤسسات الدولية الفاعلة والتهدي د )
بالعقوبات لانعدام الديمقراطية وحقوق
الإنسان فى معظم الدول العربية ( ١٤ دولة
لم توقع حتى الآن على مواثيق حقوق
الإنسان).
٧) تحقق الرغبة الأمريكية فى السيطرة عل  ى )
الموارد الطبيعية (النفط) ومواجهة القوة
الصناعية الصاعدة فى آسيا (الصين والهن د
وغيرهما).
ويمكننا فى إطار ذل ك توقع مستقبل العراق وفق
السيناريوهات التالية:
السيناريو الأمريكي البريطانى
الهدف النهائى لبريطانيا وأمريكا هو إضعاف العراق
وتفتيته مع الاحتفاظ با لسطرة الكاملة على النفط والسلطة
الحاكمة لتكون أداة قمع للمقاومة.
ونتصور أن ذلك كان معدا له أن يتم على ألسنة
الدبابات الأمريكية البريطانية الغازية بعد انتصار سريع
وبواسطة معارضين عراقيين جاءوا من الخارج (جاءوا بهم
أو سبقوهم قبلها بأسابيع ) إلى العراق حيث كان مقررا إعلان
دولة شيعية فى الجنوب ودولة كردية فى الشمال فى توقيت
واحد وترك وسط العراق وبغداد فى حالة فوضى عارمة
لشهور طويلة قبل إلقاء الأمير ا لحسن ابن طلال أو الشريف
احمد ابن الحسين بالباراشوت وسط العراق المدم ر وتولد
الدولة الهاشمية الكبرى المتحالفة مع إسر ائيل ويتحقق حلم
من النيل إلى الفرات ولكن السيناريو تأجل تحت وطأة
المقاومة العراقية الشرسة فى جنوب العراق وتعرض أمريكا
وبريطانيا لهزيمة وشيكة على أيدي العراقيين المدعومين فى
روسيا وفرنسا وألمانيا فضلا عن المعارضة العارمة فى
تركيا وتدعمها إيران ضد إقامة دولة كردية كما كان الموقف
العنيف الرافض من الشيعة الموجودين على الأرض فى
النجف وكربلاء للقيادات القادمة من الخارج مع قوات الغزو
والذى تجلى فى رفض كامل لأحمد جلبى ومحاولتين لاغتياله
ثم مقتل عبد المجيد الخوئ ى - رحمه الله – ومحاصرة
السيستانى وظهور مقتدى الصدر وحوز يته الضخمة فضلا
عن تأثير وجود قوات لواء ب د ر المدعومة إيرانيا سببا فى
تأجيل اعلان قيام دولة شيع ة وتنفيذ سيناريو أمريكا
الاستعمارية بسرعة.
كما نضيف إلى ذلك مصالح روسية فرنسية ألمانية
مشتركة وهم الحلفاء الذين ساعدا أمريكا فى الخروج من
أزمتها العسكرية وسهلوا ص فقة تسليم بغداد بلا مقاومة
ومطالبتهم الواضحة بالحفاظ على وحدة أراضى العراق –
فى هذه المرحلة على الأقل – فإن المستقبل القريب الذي
نتصوره للعراق وفق المنظور ا لأ مريكي البريطاني خلال
العام القادم يتمثل فى:
١) السيطرة والإدارة الكاملة للنفط العراق ى )
والإستحوإذ على السلطة التنفيذية
والإدارية الأمنية عبر جاى جارنر ثم
وبول بريمر الحاكم المدنى
والمستشارين الأمريكيين فى كل
القطاعات.
٢) تقليب الأرض ومعرفة نوعيات )
وتوجهات المعارض  ة العراقية فى
الداخل عبر طرح أفكار متناقضة
وتصورات عديدة عن المستقبل بلا فعل
حقيقى.
٣) إنهاك العراق اقتصاديا وتدمير كل )
البنية العلمية والثقافية فيه وإذكاء
الطائفية والقبلية والعرقية ( ٥٠٠ عالم
عراقى مطلوب تصفيتهم).
٤) تحويل مسار قيادات حزب البعث )
الحاكم بتفريغه من محتوا ه الفكرى
الأيديولوجى واستخدام ا لتنظيم فى
أدوار سياسية لصالح الهيمنة الكاملة
على القوى السياسية (نماذج
الأيديولوجيين فى روسيا ويوغوسلافيا
وجورجيا).
٥) ممارسة ألوان مشتركة من الضغط )
السياسي على دول الجوار لدفعها
سريعا نحو قاطرة المصالح الأمريكية
وفق مفهوم الإدارة المباشرة الأمريكية
للمصالح واستبعاد العملاء من لعب
الأدوار الرئيسية.
٦) الحرص فى اتخاذ القرا ر ات بما لا )
يغضب الخمسة الكبا ر فى الاامم
المتحدة والعالم لكسب الوقت وإقرار
الأمر الواقع وهو ما تنبه له جاك
شيراك الرئيس الفرنسى سريعا فأعلن :
" لن يوافق بوش إلا بأسلوب الخطوة
خطوة وكل مرحلة لها خيارتها ولا
وعود مسبقة ".
٧) كما نتصور أن تونى بلير أدرك أن )
الكاوبوى الأمريكي يعتمد أسلوب"غدا
يوم آخر" فلا يجهد نفسه فوق طاقتها
ولذا فقد مد رئيس الوزراء البريطانى
الفترة المخصصة لإعلان حكومة
انتقالية فى العراق من ستة أشهر (كما
كان مقررا) إلىعام كامل وأكد أن
الوضع العراقى سيمر بثلاث مرحل
قبل الاستقرار.
وهذه المراحل طبقا لتصور بلير على الوجه التالى:
المرحلة الأولى: السيطرة على قمة السلطة فى شكل إدارة
عسكرية تعتمد على قوات متعددة الجنسية (من ٣٠ دولة
مؤيدة للحرب الأمريكي ة ) تقوم بمهام الأمن وتقسيم النفوذ
الفعلى والأمن فيما بينها وتدعمها قوات عسكرية حول المدن
وتشمل المرحلة الأ و لى السيطرة التامة على منابع النفط
وتنظيم استخراجه والتحكم فى سعره ونقله ضمن اتفاق يحقق
أولوية استفادة الدول الخمسة الكبا ر . وإلغاء العقوبات على
العراق عبر الأمم المتحدة
ونعتقد أن هذه المرحلة ستستمر لمدة (ستة أشه ر )
سنسمع فيها أطروحات متعددة ومتضاربة حول مس تقبل
العراق مع" العمل على تقليل خسائر بلغت ٣٥ قتيلا وجريحا
أمريكيا خلال أربعة أيام فقط بعد سقوط بغداد وتزداد أعداد
القتلى والجرحي وخسائر الآليات العسكرية كل يوم.
المرحلة الثانية: يتم فيها التعتيم ا لسياسي والإعلامي على ما
يحدث فى العراق ونعتقد أنها تستغرق عدة شهور بعد إعداد
المسرح السياسي لخلافات طاحنة وإشعال كل أسباب التناحر
بين فصائل الشعب العراقى وتغييب العراق – بعد تشويه
صورته أمام العالم – من دائرة الاهتمام مؤقتا ونتصور أن
يتم التركيز إعلاميا على بقعة صراع أخرى بعيد جغرافيا
(تستغرق هذه المرحلة ٨ شهور).
المرحلة الثالثة: إعادة الاهتمام الإعلامي بعد عام من الآن
مرة أخرى بالعراق مع إعلان قيام حكومة مؤقتة يبرز فيها
لاعبون جدد من معارضى الداخل والخارج وبقايا البعث
العراقى ونعتقد إنها ستكون البداية الحقيقية لتقسيم العراق.

0 التعليقات:

Post a Comment

شاهد ايضا